شمس المعارف الكبرى: لعنـة الكتاب المفقود. الجزء الأول.

شمس المعارف الكبرى: لعنـة الكتاب المفقود






في ليلة شتوية باردة، وبين أروقة إحدى المكتبات القديمة في القاهرة، كان "أحمد" يتجول بين الرفوف المغبرة بحثًا عن كتاب نادر لمشروع دراسته في التاريخ الغامض. كانت المكتبة شبه مهجورة، إلا من أمينها العجوز الذي كان يحدق فيه بنظرات حذرة.

أثناء تفقده لأحد الأرفف البعيدة، وقعت عيناه على كتاب قديم بغلاف جلدي داكن تتناثر عليه رموز غريبة. سحب أحمد الكتاب بحذر، ونفض عنه الغبار ليكتشف العنوان المثير للرعب: "شمس المعارف الكبرى". ارتجف قلبه للحظة، فقد سمع كثيرًا عن هذا الكتاب الذي قيل إنه يحوي أسرارًا شيطانية وتعويذات سحرية محرمة.

"هذا ليس كتابًا للقراءة، يا بني." 

جاء صوت العجوز ضعيفًا لكنه محذر.

نظر إليه أحمد بفضول وقال:

 "لماذا؟ إنه مجرد كتاب!"

أطرق العجوز برأسه قليلًا، ثم اقترب منه هامسًا:

 "هذا ليس مجرد كتاب. إنه باب لعالم لا تريد أن تدخله. كثيرون امتلكوه، وقليلون خرجوا سالمين."

لكن فضول أحمد كان أقوى من تحذيرات العجوز. دفع ثمنه وغادر المكتبة، غير مدرك أنه خطى الخطوة الأولى نحو كابوس لن ينتهي بسهولة.


عند وصوله إلى منزله، أشعل أحمد شمعة ووضع الكتاب أمامه. فتح صفحاته بحذر، ليجد نصوصًا قديمة مكتوبة بحروف عربية متداخلة، مع رسوم غامضة لدوائر سحرية وكائنات لم يرَ مثلها من قبل. رغم أنه لم يكن يؤمن بالسحر، إلا أن إحساسًا غريبًا تملّكه كلما مرّت عيناه على تلك الكلمات الملتوية.

وجد صفحة بعنوان "باب استحضار الخدام". قرأ بصوت منخفض إحدى التعويذات دون أن يدرك خطورة ما يفعله. وفجأة، انطفأت الشمعة من تلقاء نفسها، وبدأت نسمات باردة تجول في الغرفة. تجمد الدم في عروقه عندما سمع همسًا خفيفًا يخرج من زوايا الغرفة.

في تلك اللحظة، دق هاتفه، وكان المتصل صديقه "خالد". رفع السماعة بسرعة وقال بصوت مضطرب: 

"خالد... هناك شيء غريب يحدث هنا!"

أجابه خالد ببرود: 

"أحمد، لماذا تتصل بي من رقم مجهول؟"

نظر أحمد إلى هاتفه، فوجد أن الشاشة كانت سوداء، بلا أرقام، بلا أسماء. وفي الخلفية، سمع همسات تتداخل مع صوت صديقه، وكأن أحدًا يشاركه المكالمة. ألقى الهاتف بعيدًا ونهض وهو يلهث.


في الأيام التالية، بدأت أشياء غريبة تحدث. ظلال سوداء تمر في أرجاء شقته، أصوات غير مفهومة تتردد في الليل، وأحلام مزعجة عن كيانات مخيفة تتحدث بلغة غير بشرية. كلما حاول إغلاق الكتاب وإعادته إلى المكتبة، كان يجده في مكان مختلف من شقته، وكأن هناك قوة خفية تمنعه من التخلص منه.

قرر أحمد العودة إلى المكتبة للقاء العجوز، لكن عند وصوله، وجدها مغلقة وعليها لافتة قديمة مكتوب عليها "مغلقة إلى الأبد". سأل أحد الباعة القريبين عنها، فأجابه العجوز متعجبًا: 

"المكتبة أُغلقت منذ أكثر من خمس سنوات، وصاحبها مات في ظروف غامضة."

ارتجف جسده، فمن كان إذن ذلك العجوز الذي باع له الكتاب؟

عاد إلى منزله وهو يشعر بأنفاس باردة تطارده، وأصوات الهمس تزداد وضوحًا. في تلك الليلة، لم يعد الأمر مجرد أصوات. رأى كيانًا أسود يقف عند طرف سريره، بلا وجه، بلا ملامح، لكن عيناه كانتا تتوهجان بلون الدم. همس الصوت في أذنه بلغة لم يفهمها، لكن فجأة، شعر بألم حاد في رأسه، وسقط مغشيًا عليه.


عندما استيقظ، وجد نفسه في مكان مظلم، جدرانه كانت مغطاة بنقوش تشبه تلك التي في "شمس المعارف". أدرك أنه لم يعد في عالمه. هنا، حيث الظلام يبتلع كل شيء، وحيث لا يوجد طريق للعودة. الكيان الأسود كان يقترب منه ببطء، وعلى صدره نقش نفس الرموز التي قرأها في الكتاب.

صرخ أحمد، لكن صوته لم يصل إلى أحد. أدرك متأخرًا أن التحذيرات لم تكن مجرد خرافات. لقد فتح بابًا لا يمكن إغلاقه... وها هو الآن يدفع الثمن.

النهاية... أم مجرد بداية؟

 انتظروا التتمة 😁

تعليقات